الخميس، 7 تشرين الثاني 2013
شرح وضع المنطقة ولبنان وحذر من تجاهل المخاطر وعدم التوافق
الرئيس الجميل لـ »الصياد«:
اذا لم يستدرك اللبنانيون المخاطر سريعا يصعب علينا الحل مستقبلا
- الصراع في المنطقة استراتيجي وهو أبعد من سني - شيعي - الاولوية لتأليف الحكومة الجامعة لان تجربة الفراغ الرئاسي »مرّة« - لكل من اميركا وروسيا وايران والسعودية مصالحها في المنطقة - الكتائب اول من طرح الحياد الايجابي في الخمسينات والستينات والسبعينات »اعلان بعبدا« وثيقة تاريخية واساسية على الصعيد اللبناني حوار - منير نجار قال رئيس الجمهورية الاسبق الشيخ أمين الجميل ان لبنان يمر اليوم بأخطر مرحلة في تاريخه، وان كل مؤسساته الدستورية معطلة. واعتبر ان الخطوة الاولى المطلوبة هي التوافق على تأليف حكومة جامعة وبدء التحضير للانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري، لان تجربة الفراغ في رئاسة الجمهورية مرّة! واكد ان هذا الامر هو هاجسه الاول، وان ترشحه للرئاسة من الامور المرهونة بأوقاتها وبالظروف التي تعيشها البلاد. والمهم ان نخرج من »الفخ«... وجدد الدعوة
الى حياد لبنان الايجابي، موضحا ان ذلك ليس انعزالا، ولا هو انكماش انما هو حالة ديناميكية تمكّن لبنان كما في الماضي بأن يقوم بدور فاعل على الساحتين الاقليمية والدولية، وربما تكون الساحة الاقليمية اليوم اكثر حاجة الى ما يرمز اليه لبنان والى رسالته الحضارية والإنسانية. واكد على ان حزب الكتائب هو حزب المبادرات. ووجه اللوم الى »حزب الله« لانغماسه في الحرب السورية، معتبرا ان ذلك يتناقض وأبسط القواعد والمبادئ السياسية ويتعارض مع المصلحة الوطنية، وينعكس على الداخل اللبناني مزيدا من الصراعات والانقسامات. وقال ان ما تشهده المنطقة هو حرب نفوذ ومصالح بين واشنطن وموسكو ولا يمكن ان نختصر ما هو حاصل بنزاع سني - شيعي كما يرى البعض، فلكل من اميركا وروسيا وايران والسعودية مصالحها في المنطقة، التي تشهد صراعا استراتيجيا. والى وقائع الحوار... > بيان المطارنة الموارنة جرس انذار وطني يحمّل السياسيين المسؤولية الوطنية تجاه عدم تشكيل حكومة وتجاه تعطيل مجلس النواب ما العمل؟ - لبنان في خطر وكل مؤسساته معطّلة، واذا ما ادركنا مخاطر هذا الوضع المأسوي ونتائج هذا الاهتراء الذي يصيب كل المؤسسات وتركنا الأمور تتراكم بهذا الشكل، سيصعب جدا في المستقبل معالجة الأزمة الخانقة التي تتخبّط فيها البلاد او ايجاد الحلول لها. معظم السياسيين غارق بمصالح او بطموحات شخصية. لا يجوز أن يكون كل ذلك على حساب الوطن، خاصة عندما يكون الوطن على شفير الهاوية كما هو الوضع اليوم. إن الكتائب مدركة لخطورة الوضع، وأطلقت ورش عمل سياسية للبحث عن طرق للتحرّر من هذا المأزق. ومن الضروري الخروج من الذهنية السائدة والقيام بحركة انقاذية قبل فوات الاوان.
> لقد قلت ان لديك مخرجا لعدم الوقوع في الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية، ما هو؟ - انا ما قلت عندي مخرج.. لم اقل هذا الكلام.. ما حدا بلبنان عنده العصا السحري. والقضية ليست كبسة زر.. بل نحن منفتحون على أي حوار يمكن أن يؤدي الى المخرج المنشود. وقمنا بالإتصالات اللازمة مع أفرقاء من كل الإتجاهات. لم نفقد الأمل ولم نستسلم للواقع رغم التعقيدات من هنا وهناك. > ولكن كما نعلم تاريخيا ان حزب الكتائب هو حزب المبادرات؟ صحيح ... لذلك نتحرّك دون هوادة.
الصراع اقليمي وكبير > وبشكل خاص هو صاحب مبادرات عندما يكون الوطن في خطر..! - نحن نبحث في اي مبادرة على ان لا تكون قفزة في المجهول او حركة مجانية طوباوية. المطلوب الان الوصول الى حل، وليس فقط الاكتفاء بالتنظير بالحلول.
> لكن الحل يستدعي لقاءات ومد جسور التواصل، ويستدعي الحوار... وكما هو معروف اليوم ان الخلاف في لبنان هو مذهبي سني - شيعي، هل يستطيع المسيحيون ان يلعبوا دورا لتخفيف هذا الخلاف؟ - الوضع لا يمكن اختصاره او اختزاله بالعلاقة السنية – الشيعية المتوتّرة . هناك مشكلة اقليمية كبيرة، وصراع اقليمي له علاقة بالقوى الكبرى. نحن ندفع ثمن صراع ذات أبعاد استراتيجية منها المعادلة العسكرية بين القوى الكبرى والأقليمية؛ والسباق حول الثروة النفطية في المنطقة؛ وإعادة تركيب التحالفات... كل ذلك على المحك ... وما البعد الديني أو المذهبي أو العشائري إلا أداة لبلوغ هذه الأهداف. ليس كل الشيعة في صفّ واحد في المنطقة، ولا كل السنة ، ولا كل المسيحيين، الخ...
واشنطن عندها مصالحها في المنطقة، كذلك موسكو، وايران والسعودية ... وربما دول أخرى ، أيضاً، كالصين وغيرها... وان كان هناك طابع مذهبي للوضع، فهذا لا ينفي ان الصراع الدائر هو صراع استراتيجي حول النفوذ. ولا اعتقد ان موسكو أو واشنطن منصرفة الى هم واحد وهو من سينتصر، السنة ام الشيعة او المسيحي او المسلم. فالامور هي ابعد من ذلك. في سوريا مثلاً، يتقاتل السنّة ضد السنة أحياناً.
> كيف علينا في لبنان ان نتصرف سياسيا لتجنيب بلدنا وانفسنا سلبيات هذا النزاع الاقليمي والدولي؟ قلنا منذ بداية الصراع في سوريا إن على اللبنانيين أن يتجنّبو أي إنغماس بالحرب الدائرة على حدودنا. ليس لأننا مع هذا أو ذاك، بل لأن لبنان لا يحتمل تداعيات أي تدخل في صراع أكبر منه. ما يحصل في سوريا هو أكبر منّا. هو حرب فيلة ضخمة، إذا ما وقفنا في طريقها تدوسنا بلحظة. ما يتدفّق على سوريا من أسلحة وذخائر ، وما ينفق من مال، وما يرسل من مقاتلين من كل حدب وصوب لا يتصوره عقل ولا تحدّه مخيّلة. فكيف للبنان الصغير أن يسلم إذا ما أقحم نفسه بهذا النزاع الذي يكاد يصبح كونياً.
من هنا طرحنا موضوع الحياد كطرح وطني بامتياز، ونحاول ان نقنع جميع الاطراف بهذا المفهوم وهو ضرورة لبنانية، من أجل تثبيت الوحدة الوطنية الداخلية وتحقيق الاستقرار ولتمكين لبنان من ان يلعب دوره في محيطه. وسيحلّ الزمن حيث يصبح لبنان ودوره ورسالته وتقاليده ضرورة للإستقرار في الشرق الأوسط.
تراجع عن الاسلام السياسي > ولكن كما نلاحظ البعض يتحفظ او يقلق من موضوع الحياد ما هو مفهوم الحياد لديكم؟ - الحياد بنظرنا ليس الانعزال او الانكماش، انما هو حالة ديناميكية تمكِّن لبنان من ان يقوم بدور فعال على الساحة الاقليمية والساحة الدولية، ولربما تكون الساحة الاقليمية اكثر حاجة الى ما يرمز اليه لبنان ودوره. وهناك موجة، لا بل تيار مهم جدا في العالم العربي، يلتقي مع ما نبشّر به من اسلوب عمل ومقاربة سياسية بعيدة عن الفئوية الضيقة او المذهبية البغيضة او الطائفية القاتلة، وهناك لقاءات وندوات تحصل في دول الخليج او في مصر وغيرها من الدول تجمع كتّاباً وصحافيين وادباء، من أجل مراجعة السياسة السابقة، وإعادة النظر بمفهوم المواطنة وبمفهوم الحرية وبمفهوم حقوق الإنسان والأفراد والجماعات.
وهناك طروحات جدية آذنة بخلق مناخات جديدة إيجابية في العالم العربي، وهنا يمكن أن يلعب لبنان دوراً طليعياً. نظامنا في لبنان هو سبّاق في اعتماد مبادئ الديمقراطية وقيم الحرية... حيث يقوم بتشجيع ودفع هذه التيارات المنفتحة باتجاه الديمقراطية وباتجاه التعددية والمواطنة الصالحة، التي تتجاوز المفهوم العشائري والقبلي والعنصري والمذهبي الضيق والفئوي، الى طرح مصلحة الدول في العالم العربي من زاوية الاعتراف واحترام الآخر، بمعزل عن الشعارات المتزمتة والتيارات الاصولية المتطرفة. وقد بلغت هذه الندوات والابحاث حدّ اعادة النظر بما يسمى الاسلام السياسي، هذا هو التساؤل الذي يطرح الان على بساط البحث، من قبل صحافيين واكاديميين ونخب في العالم العربي، أكان في الخليج او في المشرق العربي.. هؤلاء يتساءلون عن جدوى هذا الاسلام السياسي الذي إجمالاً ما يكون متزمّتاً والتقاتل ضمن الفريق الواحد والمذهب الواحد والدين الواحد، الذي لم يجلب للمنطقة سوى الحروب والنزاعات، من منطلق استخدام الدين لاغراض سياسية وغطاء لتبرير ممارسات شاذة او اضفاء شرعية على انظمة مصطنعة لا علاقة لها بالقيم الدينية، بغرض السيطرة ليس الا. ان لبنان كان مثالاً في الدفع باتجاه المواطنة الصالحة التي تتجاوز التطرّف الديني والانعزال والعنف.
> لبنان مرّ تاريخيا باختبارات عدة، جراء الانحراف باتجاه سياسة المحاور، ألم يحن الوقت لاخذ العبر من التاريخ؟ واليوم وبكل أسف اللبنانيون منقسمون بين محورين،والسؤال: كيف يمكن عقلنة هذه السياسة لانقاذ البلد؟ - فليقر الرأي العام اللبناني والعربيبأن الكتائب كانت اول من استوعب هذا الامر، وخطورة الانغماس في سياسة المحاور. من هنا طرحنا الحياد الإيجابي منذ خمسينات القرن الماضي وجددنا هذا الطرح في كل المراحل، في الستينات والسبعينات، وكنا نعود دائما الى الحياد الايجابي المنفتح البنّاء والمبدع وليس المنغلق على نفسه. وكان بعض اللبنانيين يتهمنا بالانعزال وبالانكماش، وبمعاداة القضية الفلسطينية، بينما نحن نعتبرها قضية مقدسة ومركزية عندنا وعند كل العرب. إن طرحنا الحياد الايجابي يستثني الصراع العربي - الاسرائيلي، الذي نحن جزء لا يتجزأ منه. انما هناك صراعات محليّة وعربية ودولية لا علاقة مباشرة لنا فيها، وهي مجانية وعبثية وعقيمة، لا فائدة للبنان منها، وتقع على حسابه... ومن هنا طرحنا الحياد عن هذه المحاور جميعها، وكان انتصار كبير لحزب الكتائب عندما صدر »اعلان بعبدا« الذي يكرس هذا الحياد ويؤكد ما ذهبت اليه الكتائب بأن الحياد ليس انعزالا انما هو انفتاح، وهذا الحياد يعزز دور لبنان على الصعيدين العربي والدولي. لذلك كلما انغمسنا في سياسة المحاور الاقليمية كلما دفعنا الثمن غاليا. في الخمسينات دفعنا فاتورة باهظة في الصراع الداخلي اللبناني، بين من كان يريد الاندماج في الجمهورية العربية المتحدة وبين من يريد الحفاظ على استقلال وسيادة البلد. ودفعنا ايضا الثمن الغالي عندما انقسم الشعب اللبناني، بين من كان يعمل من أجل تحويل لبنان الى وطن بديل عن فلسطين، وبين من كان يحارب التوطين ويعطي الاولوية لمستلزمات السيادة الوطنية ودعم الاستقرار في لبنان. وكذلك الامر في الحقبة السورية بقدر ما كنا نريد الانفتاح على سوريا، بقدر ما كنا في الوقت نفسه نؤكد على ضرورة الحفاظ على سيادة لبنان، وان تكون علاقاته مع سوريا نديّة. لم نكن اطلاقا،في اي يوم، بموقف العداء لسوريا، بينما كنا في موقع المدافع عن سيادة البلد وعن استقلاله والدفاع عن مصالحه الوطنية. اذاً، كلما انغمسنا بسياسة المحاور كلما دفع لبنان ثمن ذلك غاليا، وقد آن الاوان لنتّعظ، وهذه رسالة موجهة بالدرجة الاولى الى »حزب الله. أعرف أن آخرين انغمسوا في الحرب في سوريا، لكن أتوجه الى حزب الله كحزب منظم وفاعل ويمثل شريحة كبيرة من اللبنانيين، لأقول له إن مسؤوليته مضاعفة ولأطلب منه ان يراجع حساباته في ضوء أولويات لبنان الوطنية، واذا ما فعل نكون قد اجتزنا اكثر من نصف المسافة من اجل استعادة الاستقرار في لبنان واجراء المصالحة الوطنية الكبرى المعطلة الان بسبب هذا التورط الذي هو احد اسباب تعذّر تحقيق الوحدة الوطنية والاستقرار اللبناني. > كيف قرأت كلام السيد حسن نصرالله الاخير؟ - مقاربتنا لهذا الموضوع، اي لخطاب السيد حسن نصرالله وأي خطاب، هي مقاربة سياسية من دون اي انفعال، لان »حزب الله« عنده الشجاعة والجرأة ليقول ما في ذهنه ويعبّر عن ارادته وعن مصالحه ومنهجه الوطني. ان تورط حزب الله في أحداث سوريا تشكّل نقطة خلاف أساسية في ما بيننا، لكن هذا الخلاف لا يعالج بالتشنج ولا بالتصادم، انما بضرورة اقناع »حزب الله« بأن هذا العمل يتناقض مع ابسط القواعد والمبادىء الوطنية، وهو يتناقض والمصلحة اللبنانية، والدليل انه يترجم على الارض بمزيد من الصراعات وزيادة الشرخ بين اللبنانيين، كما انه يتناقض وابسط القواعد الدولية والقانون الدولي والمفهوم العالمي لحقوق الانسان ولسيادة الدول. ولا يقنعنا احد بوجود تبرير لتورط »حزب الله« بالمعارك الدائرة في سوريا، لا سيما وان ليس بمقدور لبنان ان يتحمل تبعات هذه الحرب بصورة عامة، والدليل مئات الالوف من النازحين وكل تبعات الازمة على الساحة اللبنانية . لذلك نحن نتوجه الى »حزب الله« لا سيماالى السيد حسن نصرالله لان يرأف بلبنان وان يدرك بأن هذا السلوك يعرّض لبنان لكل المخاطر، وينتهك آخر معالم الشرعية والقرار السيادي بالحرب والسلم ويحوّل الدولة الى سلطة رديفة لسلطة أعلى يمثّلها. حزب الله. وهذا السلوك ترك انعكاسات خطيرة على الساحة اللبنانية وهدّد سمعة لبنان ومكانته بين الدول.
مستعدون للحوار > هل حزب الكتائب مستعد للاشتراك في طاولة الحوار مجددا لاحياء الخطاب السياسي والمناقشة وجهاً لوجه بين القيادات اللبنانية، لعقلنة السياسة اللبنانية واستنباط الحلول قبل فوات الاوان؟ - لا شك نحن على استعداد وللحوار في اي لحظة، وتحت اي سقف، ومع اي طرف لبناني صادق مخلص حريص على مصلحة البلد، من دون اي تحفظ. وعندما دعانا سابقاً فخامة الرئيس العماد ميشال سليمان الى جلسة الحوار قبلنا فورا وشجعنا بعض الحلفاء، للسير في هذا الطريق وانتقدنا من قبل البعض الذي اعتبر يومها ان هذا الحوار عقيم، ولكن هذا الحوار الذي اعتبره البعض عقيما هو الذي انتج »اعلان بعبدا« الذي هو وثيقة تاريخية ووثيقة اساسية على الصعيد اللبناني، وان خرج عنها البعض، فهي ثابتة على صعيد الامم المتحدة وجامعة الدول العربية وعلى الصعيد الداخلي اللبناني،وتشكل المرجعية المهمة جدا في تحديد خياراتنا الوطنية، ولا بد من الا حتكام الى هذه الوثيقة، لانها اقرت باجماع اللبنانيين وتبقى هي الحاضنة والحامية للمصلحة اللبنانية، وهذا دليل على ان اي حوار هو افضل من اللاحوار، والحوار حول طاولة لا سيما اذا كانت تحت مظلة بعبدا تبقى افضل من الحوار من وراء المتاريس والمنابر و»الميكروفونات« الصدامية. > عقدت في الاونة الاخيرة اجتماعات بين حزب الكتائب والحزب التقدمي الاشتراكي، هل تندرج في اطار الهدف الذي تحدثت عنه لاخراج البلد من الازمة الراهنة؟ - لا شك... لا شك، وانا تكلمت مع وليد بك جنبلاط ، في مطلع الاسبوع الماضي، وهناك اتصالات، وان كانت غير رسمية وغير مباشرة، مع كل الافرقاء اللبنانيين ونأمل ان تتطور هذه اللقاءات الى لقاءات علنية حول جدول اعمال ونتائج ايجابية، لانه كما ذكرنا في بداية هذا الحديث لبنان في خطر ولم يمر لبنان في مأزق كالذي نتخبط فيه اليوم، واعتقد أن معظم القوى السياسية مدركة ذلك، وهي تعرف تماما بان لا خلاص الا بالحوار وبالتفاهم على مخرج مشترك، لاننا جميعنا على سفينة واحدة ولا يمكن على الاطلاق لاي كان ان ينقذ نفسه، اذا غرق المركب. . وبالمناسبة هناك حوار يجري حاليا في بكركي تحت مظلة غبطة البطريرك الراعي، وتعقد اجتماعات دورية بين ممثلين لكافة الاحزاب وبعض الشخصيات على الساحة الوطنية، وهذه الاجتماعات حتى الان هي اجتماعات جدية ووجدانية ومجدية، فنأمل اذا استمرت وتطورت بشكل إيجابي، ان تكون الاطار الصحيح من اجل التفاهم على مسلّمات وطنية، . وكل هذهاللقاءات و الأبحاث لا تتمّ على الاطلاق بمنظار مسيحي ضيق او فئوي، انما بمنظار وطني شامل. لانه بقدر ما نتفاهم بين بعضنا البعض، على بعض المسلّمات والمبادىء بقدر ما يسهل هذا التفاهم على الصعيد الوطني، خاصة ان كل الطروحات ذات أبعاد وطنية وليست طائفية او مذهبية. > هل يمكن ان تؤدي اللقاءات التي تعقد في بكركي الى لقاء على مستوى القادة المسيحيين لاقرار وثيقة الثوابت؟ - لسنا الآن بصدد هكذا مبادرة، لاننا نعرف ان كثرة الوثائق والبيانات، التي صدرت منذ فترة حتى الآن وكانت رنّانة، لم تُنفّذ... ليس المطلوب الآن بيانات رنّانة بل المطلوب عمل جدّي ومثابرة للوصول الى تلك القواسم الوطنية المشتركة بشكل فعّال وبنّاء. وعلى ضوء ذلك، كان اجتماع الاقطاب لتتويج هكذا انجاز، وليس لبحث الامور من نقطة الصفر. > مصالح الناس معطّلة اليوم جرّاء تعطيل المؤسسات الاساسية، مجلس النواب لا يجتمع، حكومة تصريف أعمال قدرتها محدودة ورئيس حكومة مكلّف منذ سبعة اشهر لم يستطع تشكيل الحكومة، الا تعتقدون ان حكومة مصغّرة من الاقطاب كما كان يحصل في الماضي قد تكون احد المخارج؟ - هذا ما سبق لي ان طرحته ومنذ بداية الامر. لم انتظر لتتفاقم الازمة الحكومية بهذا الشكل لكي اطرح فكرة الحكومة الانقاذية. لقد طرحت هذه الفكرة منذ استقالة حكومة الرئيس ميقاتي، لاني شعرت بحجم المأساة التي يعيشها لبنان وبعمق المأزق الذي نتخبّط به، البلد بحاجة الى هكذا حكومة او صدمة . وطرحت في حينه حكومة انقاذ، وبعد صدور تحفظات على هذه الفكرة، وهي بالمناسبة تحفظات في غير محلها، اقترحنا تشكيل حكومة جامعة، اي حكومة لا تستثني احداً، لانه لا يمكن في الوضع الراهن استثناء احد، الا اذا اردنا الانتحار، لا يمكن استثناء اي مكوّن من المكوّنات الاساسية في البلد عن آلة الحكم. > هل يوافق حزب الكتائب حالياً على تأليف حكومة ٩+٩+٦ كما هو مطروح؟ - منذ البداية قلنا لن ندخل بمنطق الارقام بهذا الشكل. هناك مبادىء يقتضي ان نتفق على الحد الادنى منها. على ان يكون هناك تفاهم مع الرئيس المكلف، طالما حظي على اجماع مجلس النواب عند تكليفه، وعليه هو ان يستخلص القاسم المشترك بين كل الاطراف، وان يعرض تشكيلة حكومية تفي بالغرض... هكذا يجب ان تمشي الامور. ومرّة ثانية اقول ان من مصلحة البلد ان نتفاهم كلنا مع بعضنا،وأن نمتنع طوعاً عن العزل والاقصاء والاستثناءات. حقيقة نحن نتساءل هل من المنطق ان نغرق في كل هذه التعقيدات، بينما عمر الحكومة لن يزيد عن ستة اشهر، اذ انه ابتداء من شهر آذار/مارس 2014 ستنطلق معركة انتخابات رئاسة الجمهورية، وحكماً بعد انتخاب الرئيس تصبح الحكومة بحكم المستقيلة... اذا على ماذا نحن مختلفون الآن والحكومة لن يزيد عمرها على سبعة اشهر، ولن يكون بامكان هذه الحكومة ان تقرّ اي شيء خارج اطار التوافق الوطني مهما كانت الحصص وتوزيعها سياسياً. ان تشكيل حكومة هو مؤشر ايجابي، من اجل ان تتم الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري... اذا المصلحة الوطنية تقضي بضرورة تشكيل حكومة ويجب تقديم تنازلات متبادلة. > هل تخشى الوصول الى الفراغ في مقام رئاسة الجمهورية؟ - يؤلمني ان اقول ان التجربة مرّة، ولقد حصل اكثر من مرّة فراغ في هذا الموقع الاساسي الكبير. > اذا وصلنا الى الفراغ في مقام رئاسة الجمهورية هل سنكون امام خلاف حول من يقوم مقام رئيس الجمهورية على رأس الهرم كما هو ظاهر اليوم؟ - طالما ان الرئيس تمام سلام هو الرئيس المكلف باجماع المجلس النيابي، بوسعه عند الضرورة وعند الاستحقاق ان يشكل الحكومة التي يراها مناسبة... لقد حصل تكليفه بموجب نص الدستور، وتكليفه شرعي ودستوري.
ولكن التأليف يجب ان يحصل قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية أليس كذلك؟ - حتماً، يجب ان يتم ذلك قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، وهذا هو الامر الطبيعي، والا سنكون أمام مشكلة حكومة مستقيلة هي حكومة الرئيس ميقاتي مطروحة واقعاً لتولي مهام رئاسة الجمهورية. > يطرح البعض عقد جلسة حكومية للنفط والغاز. هل صلاحية الحكومة المستقيلة تسمح بعقد مثل هذه الجلسة؟ - ليس بالضرورة، وعلى اهمية هذا الموضوع وطنياً، الا انه يخرج عن صلاحية حكومة تصريف الاعمال، هذه مسالة ذات بعد استراتيجي على الصعيد الوطني، ومن الصعب اعتبار ذلك من باب تصريف الاعمال. > اسمح لي ان اسألك لو كنت اليوم رئيسا للجمهورية في هذا الظرف ماذا كنت تفعل؟ من الصعب الجواب على هذا السؤال، لأن الرئيس عنده معطيات ليست عندي. بالطبع لا احسد فخامة الرئيس على موقعه وهذا اكيد. > عندما تفتح معركة انتخابات رئاسة الجمهورية عملياً هل ستكون مرشحاً لتولي سُدّة الرئاسة مرّة ثانية؟ - علينا ان نجهد اولاً لتسهيل اجراء الانتخابات في موعدها وهذا هو الهاجس عندي بالدرجة الاولى، اما الامور الاخرى فهي مرهونة باوقاتها وبالظروف التي تعيشها البلاد. > هل فخامتك مستعد لتحمّل مسؤولية الرئاسة الاولى ثانية؟ - لقد اجبت على هذا السؤال...!