افتتح الرئيس أمين الجميّل "بيت المستقبل" في حفل أقيم في سرايا بكفيا، المقر الرسمي ل"بيت المستقبل" بحضور مدعوين سياسيين وديبلوماسيين وأكاديميين واقتصاديين وإعلاميين. وحضر الرئيس حسين الحسيني والرئيس فؤاد السنيوررة ووزراء ونواب وسفراء عرب وأجانب، ورؤساء هيئات نقابية واقتصادية، ورؤساء جامعات، ومدراء مراكز آبحاث ودراسات لبنانية وعربية.
وألقى الرئيس الجميّل بالمناسبة كلمة أعلن فيها بدء العمل رسمياً بالمركز، مشدداً على الشراكة في العمل البحثي مع كبريات مراكز الدراسات في العالم، وعلى اعتماد منظومة الفكر في مواجهة الاسلحة الفتاكة الاخرى، بما يخدم السلم والقضايا الانسانية.
وقال: يعود "بيت المستقبل" إلى بكفيا، إلى السرايا التاريخية بعد تغييب قسريٍ فرضه كسوف الحضارة في إحدى مراحل الحرب اللبنانية، وإلى الجذور التي انطلق منها في أواسط السبعينات، فكان طليعةَ مراكز الدراسات والأبحاث في لبنان والشرق الأوسط، بعيداً عن لغة السلاح، واحتضاناً للوفاق اللبناني الذي ناضلت لتحقيقه أثناء ولايتي الرئاسية وقبلها وبَعدها. يومها برز "بيت المستقبل" علامةً فارقة في مجتمع ألِفَ ممارسةَ السياسة من دون اعتبار المستقبل، فانتقم منه الماضي والحاضر والمستقبل معاً.
أضاف الرئيس الجميّل: يستعيد بيت المستقبل دوره الرائد في ظل ظروف لبنانية وعربية مأساوية، داعياً الى وضع حد للازمة الوطنية المفتوحة، ووقف الانحدار اللبناني والانهيار العربي، وسأل: ما يمنع اللبنانيين من حل أزمتهم الوطنية بالاحتكام إلى الدستور وانتخاب رئيس للجمهورية، لافتاً الى أن استمرار الشغور الرئاسي بات خطراً على الجمهورية وليس على مركز الرئاسة فقط. وقال: إن تعطيل الدستور هو انقلاب على النظام، ونقض للكيان اللبناني بمساحته الجغرافية وبصيغته الانسانية.
وتوجه إلى الشركاء في الوطن للكشف سوياً وبجرأة عن النيات الحقيقية. وقال: إن الولاء للبنان يفرض ان ننتخب رئيساً. وعدم انتخاب رئيس يُسقِط صدقيةَ ولاءِ المعطلين.
واعرب الرئيس الجميّل عن ظنّه بأن خلاصَ لبنانَ والشرقِ كان يقضي بأن يتحول المواطن من مواطن طائفي إلى مواطن دولة، وإذ بالحروب المفترِسة تجعل هذا التحوّلَ غير كافٍ، وبات المطلوب أن يتحوّلَ المواطنُ إنساناً. وقال: لقد خُلِقنا على صورة الله ونتصرفُ على صورة الشيطان. وإلا كيف نصف ما جرى ويجري في إسرائيل وفلسطين ولبنان وإيران والعراق وسوريا واليمن والسودان وليبيا وأفغانستان؟
ولاحظ أن محاولة التغيير في الشرق الأوسط بدأت معارضةً سياسية فمعارضةً شعبية، وتحولت معارضةً أصوليةً فمعارضةً عسكرية، ودخلت اليوم مرحلةَ الارهابِ التكفيري. وأشار الى أنه كان الخيار بين الأنظمةِ العسكرية والثورات، ولاحقاً بين الأنظمةِ العسكرية والارهاب، الى أن جاء من يخيرنا بوقاحةٍ بين إرهاب الــنصرةِ وإرهابِ داعش وإرهابِ الحوثيين وإرهابِ القاعدة.
ولاحظ الرئيس الجميّل وجه شبه بين الشرق والغرب وكأنهما يلتقيان حول استيلادِ تطرّف خاص بكل منهما، الشرق يتطـــرّفُ باسم الدين، والغربُ يتطـــرّف باسم الحرية إلى حدِّ الإباحية. وقال باسم الدين يَبتعد الانسانُ الشرقي عن الله بمفهومه الروحاني، وباسم الحرية يبتعد الانسان الغربي عن القيم بمفهومها التاريخي. وبالتالي أصبح الدينُ تكفيراً وأصبحت العلمنةُ إلحاداً. واذ اعتبر الرئيس الجميّل أن الدين والحرية براء من التطرف، لفت الى ان الشرق والغرب يرفعان شعار الدفاع عن القيم والله والانسان في حروبهما، في إلتباس مقصود وقاتل.
وعددّ الرئيس الجميّل سلسلة نشاطات قام بها بيت المستقبل مع مراكز دراسات عالمية بينها المؤسسة الأميركية "جيرمان مارشال فاند" GMF، والمؤسسة الألمانية "كونراد أديناور شتيفتونك" ومؤسسة "نكسوس" NEXUS الهولاندية.
وأعلن العمل على سلة مبادرات بينها عقد مؤتمر حول مشروع مارشال تنموي حضاري للعالم العربي يواكب المفاوضات الجارية لوقف الحروب ومصالحة الشعوب وإعادة بناء البلدان المدمرة، وحشد النخب اللبنانية والعربية من أجل نشر ثقافة الحوار والاعتدال والانفتاح بديلاً من الإرهاب والأصوليات المتعددة المشرب، واستلهام حقوق الانسان ودور المرأة، والتعاون مع مراكز لبنانية وعربية ودولية لتنظيم دورات تدريبية بغرض تحضير طواقم نخبوية جديدة تمارس نهج الحوكمة الشفافة في إدارة شؤون الدولة والناس.
وأعلن الرئيس الجميّل أن ورشة بيت المستقبل طموحة، تستلزم المثابرة والاهتمام والتفرغ. وقال: قررت تخصيص وقتي وطاقاتي وتجربتي لإطلاق هذه المسيرة ورعايتها، في ضوء اطمئناني الى مناعة حزب الكتائب ومحورية دوره وثبات مبادئه وانتشار قاعدته واستقرار موقعه، وقدرته من خلال آليته الديمقراطية التآلفية على تجديد نفسه بنفسه في المؤتمر الآتي في حزيران المقبل.
وأكد الرئيس الجميّل مشاركته من موقعه في حماية الكيان اللبناني، والعمل على تطويره، على ان يبقى العين الساهرة على مسيرة مدرسة بيار الجميل، على الثمانين سنة من النضال في سبيل لبنان الرسالة، لبنان مساحة الحوار، لبنان الشباب. لبنان العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.
وقال: سيبقى حزب الكتائب بقيادته المتجددة العنوان الأصيل لكل باحث عن محاوِر شريف أو عن صخرة صلبة. وسيكون بيت المستقبل لكل لبنان والعالم.