لبى الرئيس أمين الجميّل دعوة حزب الشعب الأوروبي الحاكم في اسبانيا (EPP) وشارك في المؤتمر التشريعي الثالث والعشرين للحزب الذي انعقد في قصر المؤتمرات في العاصمة مدريد.
وعالج الرئيس الجميّل في كلمته مسألة الاستقرار في المتوسّط لجهة الأمن والهجرة والتعاون، ضمن الشعار الذي اتخذه المؤتمر وهو "الجوار المتوسطي".
وشدد على مفهوم "الجوار المتوسطي" كعنصر استقرار في الشرق الأوسط ومحيط البحر الأبيض المتوسط، معتبراً أن "الاستقرار المتوسطي" يشكّل صدىً للشراكة الأورو-متوسّطية التي أبصرت النور عام 1995 في برشلونة خلال مؤتمر جمع الاتحاد الأوروبي ونحو اثنتي عشرة دولة متوسّطية بما فيها لبنان والأردن.
وأعرب الرئيس الجميّل عن اعتقاد راسخ لديه بقدرات المنطقة على تحقيق الاستقرار بعد فترة كمجموعة ثقافية واقتصادّية موحّدة، على الرغم من الأزمات الراهنة المتعددة الوجوه التي تؤرق الجوار المتوسّطي.
ولفت في مداخلته الى القدرات التي تميز الجوار المتوسطي طبيعياً وبشرياً. فهو يمثّل المخزون الكبير للنفط والغاز في البحر المتوسط الشرقي والشمالي. كما أنّ الشعوب العربية تمثّل مخزوناً هائلاً من الموارد البشرية غير المستغلّة بحيث سيؤدّي توظيف هذه الثروة البشرية لأغراض إيجابية إلى تأمين استقرار العالم العربي بل والجوار المتوسّطي والعلاقات الدولية بشكل عام.
وبعد اعرابه عن تفاؤل حذر، أشار الى أنّ مرحلة الربيع العربي لم تتمكن من أن تتحول الى مدخل لربيع الشعوب العربية. ففي كل أنحاء العالم العربي، تمّت مواجهة واحباط المطالب الشعبية بتحقيق المشاركة الديموقراطية في الحكم. واعتبر الجميّل أن ما فاقم الوضع أيضاً المشاكل التي يعاني منها العالم العربي مثل الفقر والفساد والافتقار إلى التعليم والنُظم غير الملائمة للرعاية الصحّية وهي تنوء تحت عبء الحروب الدائرة في العراق وسوريا وليبيا واليمن، لافتاً الى أن هذه العوامل أدت إلى استفحال ظواهر الإرهاب والتعصّب والتطرّف.
ولاحظ أنّ العالم العربي لن يتمكّن من معالجة القصور الذي يعاني منه في الحوكمة الرشيدة من دون التعاون وقيام الشراكات الدولية على غرار سياسة الجوار المتوسّطية.
وتناول الرئيس الجميّل في كلمته أزمة اللاجئين، التي تعبّر بشكل واضح عن الترابط الفعلي في "الجوار" المتوسّطي - الشرق أوسطي، وكأنه ربط نزاع انساني من خلال موجات اللاجئين التي تصل الى الدول الاوروبية، مما حمل هذه الدول الى تحديد المعايير لجهة استحقاق حقّ العبور أو اللجوء المؤقت أو الإقامة الدائمة للاجئين.
ولفت الى أن الاعداد كانت لتكون أكبر لولا استيعاب لبنان والاردن أعداداً هائلة لدرجة أن ربع سكان لبنان باتوا من اللاجئين وفق بعض التقديرات.
وطرح الرئيس الجميّل جملة تحديات تواجهها أزمة اللجوء لعلّ أكثرها خطورةً وإلحاحاً هي التهديدات التي تصيب الأمن والاقتصاد وتماسك النسسيج الاجتماعي.
ودعا الرئيس الجميّل إلى مقاربة متماسكة ومنسّقة ومتعدّدة الأطراف لادارة أزمة اللاجئين، معتبراً أن الحل مستحيل من دون إنهاء الحرب في العراق وسوريا، داعياً الولايات المتّحدة وروسيا الى تكثيف العمل وتنسيق الجهود الدبلوماسية لوضع حدّ لهذه الحروب عبر التسويات السياسية.
واستعرض الرئيس الجميّل تداعيات أزمة اللاجئين على استقرار الجوار المتوسطي لافتاً الى التأخير الذي سيصيب عمليّة النهوض التي ستلي الحرب في المجتمعات العربية بفعل هجرة الادمغة والفئات الاساسية في المجتمع الى الخارج.
كما أن الدول الأوروبية المضيفة ستواجه تحدّياً على المدى الطويل وهو دمج مجتمعات المهاجرين الكبيرة. وسيؤدّي الفشل في هذه المهمة إلى رفع خطر انتشار الإحباط الذي قد يؤدّي إلى المزيد من التطرّف، يضاف الى التطرّف الديني والإرهاب الناشىء في المنطقة.
وانتقد الرئيس الجميّل العمل المستقل للدول لمواجهة هذه الظاهرة داعياً إلى ائتلاف دولي يعيد الامن الى المنطقة. لكن، اضاف الرئيس الجميّل، ان الانتصار الحقيقي والنهائي على ما يُسمّى بالدولة الإسلامية وغيرها من الحركات المتطرّفة، يكون باعتماد الحوكمة الرشيدة وتأمين الفرص التعليمية، وانشاء "ملتقى ديني" قادراً على قيادة جهود عابرة للحدود والأديان في سبيل حماية التعددية الدينية في الشرق الأوسط. واقترح كخطوة اولى أن يعقد الملتقى الديني قمّة روحية تضم جميع القادة الروحيّين للمذاهب المختلفة تطلق رسمياً جهوداً موحّدة لحماية التعددية الدينية خاصّةً في الشرق الأوسط.