إذاعة الشرق – 23 حزيران 2013
قال الرئيس أمين الجميّل ان البلد يستحق ان ينمو ويعيش ويحقق رسالته الكونية، مشيراً الى ان لدى لبنان موقعه الخاص في الخارج لان هناك تقديرا خاصا لشعبه ودوره في العالم. واوضح انه عندما يحاضر في المحافل والمؤسسات الدولية، تكون بذهننا الرسالة التي هي ابعد من مساحة بلد، وهذه طريقة غير مباشرة لخدمة وطننا عندما نؤكد ان قضيته حق عام، ونضالنا ليس من اجل نظام بل من اجل وطن وشعب، مجدداً طرح الحياد والدولة المدنية. ودعا الى عدم الاستخفاف باعلان بعبدا، وقال: "من يخرج عن هذا الاعلان يخالف وثيقة دستورية ويقتضي اخضاعه للمساءلة، وهذا الاعلان سيؤسَس عليه مستقبلاً ونأمل ان يتطور الى وثيقة تاريخية للمستقبل".
وحذرّ من التطرف الذي يترجم بفتنة بين المذاهب كما يحصل في طرابلس وصيدا وبعض المناطق، والمنتصر خاسر لا محال، رافضاً أن يتحوّل لبنان بؤرة للصراع الطائفي. ورأى في حديث لاذاعة الشرق أن بعض الفئات في لبنان وخصوصا المجموعات الاسلامية المتطرفة تعيش زمن القرون الوسطى، لكن البعد الايجابي في المسألة هو ان هذه الحركات التكفيرية التي ترفض الآخر مازالت اقلية في البلد ولم تنجح في تحقيق الانتشار الواسع، وهي لا تزال مجموعات محدودة في طرابلس تتسلح بالكلاشنكوف وتحظى ببعض التمويل وتتحكم بأمن البلد، وكذلك الامر في صيدا. وشدد على ان لبنان يعيش تجربة مفصلية، فاما أن ينجح فيها ويجب أن ينجح، او أن يزول لا سمح الله. وعلى الرغم من كل ما مرّ به لبنان، الا ان هناك مناعة مكتسبة وتجربة مشتركة بين اللبنانيين تمكننا من خلق شخصية لبنانية مميزة سواء عند المسلم السوري أو المسيحي الفرنسي، "وأنا كمسيحي اشعر انني اقرب بكثير الى المسلم اللبناني من اي مسيحي في العالم والعكس صحيح". وقال: ان اللبناني يعرف ان ما يحصل في لبنان هو مشاكل مأجورة ومستوردة ولها بعدها الخارجي، ويجب أن تفهم القوى ومنها حزب الله ان لا خلاص للبنان من دون العودة الى لبنان، وهذا شرط ملزم لبناء وطن يتسع للجميع. ان التورط شرقا وغربا قد يجعل حزب الله الضحية الاولى في هذه المعركة المفتوحة. وذكّر الرئيس الجميّل انه منذ البداية ومع انطلاق اول شرارة في سوريا كان "يحلّق خارج سربه" عندما دعا الى عدم اقحام لبنان في ما يحصل لان الازمة ستطول، وتبيّن ان هذا الواقع صحيح واليوم يحكى عن ترشيح بشار الاسد لانتخابات العام 2014.
وقال: يتبيّن اكثر فاكثر ان البعد الخارجي للازمة في لبنان يتجاوز البعد الداخلي، والدعم المالي والعسكري الذي يوظَّف على الساحة اللبنانية يتجاوز قدرة اللبنانيين على مواجهته، والبعض لم يكن لديه المناعة الكافية لمواجهة هذا الاختراق". ولفت الى ان المسؤولين العرب الكبار تفهموا دور لبنان ودقة الوضع فيه، لكن البعض الاخر مغامر واناني ولا يسعى الا لمصلحته حتى لو كان الثمن دمار لبنان.
وعن وضع حزب الله، قال الرئيس الجميّل: ان حزب الله يمثل شريحة واسعة من الشعب اللبناني، فالشيعة انتخبوا حزب الله وامل لتمثيلهم، والمحاور باسم الشيعة اليوم هو حزب الله وحركة امل، لافتاً الى ان سقوط النظام في سوريا من شأنه أن يؤثّر على امكانات حزب الله بسبب الدعم الذي يحصل عليه من النظام، لكنه في كل الاحوال يبقى ممثلا للشيعة في لبنان. اذاً، قال الرئيس الجميّل، يجب عدم الاستخفاف بانتشار حزب الله لدى القواعد الشعبية الشيعية، لكن في المقلب الاخر بدأ حزب الله يتعب مع ظهور القوى الشيعية المستقلة.
وقال رئيس الكتائب: "سنصل الى مرحلة يجب ان يتفّهم حزب الله انه لا يمكنه ان يستمر بالطريقة نفسها، وهذه المرحلة لن تكون بعيدة، فحزب الله سيضطر الى العودة الى واقعه اللبناني وان يركّز على البعد الداخلي بمنأى عن المؤثرات الخارجية.
وتعليقاً على قول الحريري ان حزب الله قرر ان يكون رأس السلطة، قال الجميّل: "انا اتوافق مع الحريري الذي عبّر في كلامه هذا عن واقع البلد. ففي الماضي، كانت استحالة لنقل موظف في المطار واتت ردة الفعل في 7 ايار. ولا شك أن حزب الله من خلال ممارساته يتحكّم بكل مفاصل الدولة من اعلى مركز الى أصغره".
وتعليقاً على العلاقة بين حزب الله والتيار الحر، اعتبر الرئيس الجميّل ان التيار الوطني في حيرة من امره، فهو من جهة مرتاح الى التحالف السياسي الذي مكنّه من كتلة نيابية عريضة، لكنه يجب ان يعرف من جهة ثانية ان كلفة هذا التحالف باهظة على لبنان، وقد بدأ البعض في التيار يشعر اليوم ان هذا التحالف تمّ على حساب مقدسات وثوابت، وهم منزعجون من الامر.
وحول التمديد للمجلس النيابي، قال رئيس الكتائب: كان يهمنا حصول الانتخابات في موعدها على اساس اقرار قانون جديد للانتخابات يحقق التمثيل الصحيح والشراكة الحقيقية، ويجب اعطاء مجلس النواب كل الدعم اللازم ونأمل ان تلتئم اللجنة النيابية المصغرة بأسرع وقت، لان امامنا الكثير من المناقشات لبلوغ قانون عادل، مقترحاً الدوائر الصغرى التي لا يزيد عدد نوابها على ثلاثة. واستبعد تقصير مهلة التمديد، لكن اذا انجزنا قانون انتخابات بأسرع وقت فسيكون هذا الامر اكبر تطمين للشعب اللبناني وللديمقراطية وتداول السلطة، وعندها يمكن البحث بتقديم موعد الانتخابات.
وعن الحكومة العتيدة، قال الجميّل:
"طالبنا بحكومة انقاذ، لان المرحلة بحاجة الى حكومة قادرة، وبما اننا نتحدث عن التوافق، فان لغة الارقام تصبح غير مهمة". وشدد على ان الرئيس المكلف تمام سلام يشكّل ضمانة لانه رجل عاقل ونحن ندعمه ونقدّم له كل المساعدة اللازمة للنجاح بمهمته، والقرار بيده.
وعن مواقف رئيس الجمهورية الاخيرة، قال الجميّل: "لدى الرئيس سليمان كل المعطيات اللازمة، وهو يقوم بواجباته بكل شجاعة وجدارة وهذه متطلبات المرحلة. وفي اخر زيارة قمت بها الى القصر الجمهوري، طرحت عليه بعض الافكار والمبادرات.
وتعليقاً على اكتشاف منصتي صواريخ في بلونة، ذكّر الجميّل بالتفجيرات التي حصلت عام 2006 في جونية والاشرفية وبرمانا والبوشرية وغيرها من المناطق المسيحية، واصفاً هذه التصرفات بالعبثية التي من الصعب ضبطها، والهدف منها خلق بلبلة وقلق لدى الناس بالاضافة الى تقديم لبنان كبلد غيرمستقر.
وعلّق الرئيس الجميّل على ما ورد في احدى الصحف والحديث عن بيع "بيوت الكتائب قائلاً: هناك صحف صفراء "تبخّ السم" ومن المعيب القول ان بيوت الكتائب تستعمل كنواد ليلية، فلبيوت الكتائب رمزية مقدسة ونحن فخورون ببيوتنا واذا اردنا استثمارها فسيكون للخير ولقضايا مشرّفة. وشددّ على ان املاك الحزب مقدسة بدءا من بيت الكتائب المركزي في الصيفي الذي له رمزيته، ولا مجال ابداً للتصرف به وهو باق بحلته الحاضرة وهندسته وبموقعه في ساحة الشهداء. كما اكد ان املاك الحزب الاخرى مقدسة، مشيراً الى ان هناك حملة على حزب الكتائب بصورة عامة وعلى النائب سامي الجميّل بصورة خاصة. وقال: "حزبنا غير مقفل، وهناك 300 قسم كتائبي في كل لبنان والخلافات التي تحصل امر صحي وهناك مجلس تأديبي يحاسب وهذا دليل عافية وصحة، كما ان هناك بيوت كتائب فائضة سنرى كيف يمكن توظيفها، وفي المناطق التي لا يوجد فيها بيت كتائب، سنعمل من اجل افتتاح بيت فيها.
وعن الوضع السوري، قال الرئيس الجميّل:
"رددت منذ البداية ان معاناة الشعب السوري ستكون صعبة وطويلة، ولكن من الصعب ان يعاد انتخاب الاسد بعد كل هذا الدمار والخراب. ان المعارضة في سوريا محقة ويجب ان تصل الى نتيجة، لكن على لبنان عدم التدخل في الشأن السوري، لا مع النظام ولا مع الثورة، ونحن نطمح ان يقوم نظام جديد في سوريا لكي نصحح لمرة نهائية العلاقة بين البلدين .واعتبر ان ما يحصل في عرسال والبقاع وطرابلس هو امتداد لتورّط بعض اللبنانيين في سوريا، مشدداً على ان المطلوب هو الوعي لان هذه الاحداث لا تفيدنا بل تورطنا جميعنا، وهي ليست في مصلحة السنّة او الشيعة، كما ليست في مصلحة اللبناني سواء كان مع نظام الاسد او ضده. ومن خلال اقحام أنفسنا بما يحصل في سوريا، نحوّل هذا الصراع الى شوارع طرابلس وكل لبنان، داعياً المتورطين في سوريا الى القيام بجردة حساب واعية. وامل ان تنتهي معاناة الشعب السوري بأسرع وقت. واستبعد الجميّل امكانية تقسيم سوريا، ولمس تردداً اميركياً تجاه سوريا، وذكرّ بما قاله للمسؤولين الاميركيين خلال زيارته الاخيرة لواشنطن بوجوب التفاهم الفوري مع روسيا على حل ينقذ سوريا.
ورداً على سؤال حول النازحين السوريين، قال: "من الظلم تحميل لبنان عبء النازحين السوريين، والمساعدات الدولية المقدمة "ضحك على الدقون" ولا تليق بما يحصل على الارض، فلبنان لا يمكن ان يتحمّل عبء مليون لاجئ، والبلد يواجه امراً خطيراً".