التحديات التي تواجه الشباب في لبنان: من الأزمة إلى الفرصة
لانكاستر بلازا، بيروت 11 نيسان / ابريل 2018
كلمة الرئيس أمين الجميل
تعتبر المشاركة السياسية بشكل عام أساس الديمقراطية والتعبير الواضح عن مبدأي سيادة الشعب والمواطنة، وتقتضي توفر شعور بالإنتماء والإهتمام بالشأن العام لدى المواطنين. أما الشباب، فهم يشكلون ثروة وطاقة بشرية لكل بلد لما يتمتعون به من طاقة جسدية ونفسية تؤهلهم للصراع والتصدي ونزعة للعمل الجماعي ورغبة في التجديد والتغيير.
إن مسألة المشاركة الشبابية في الحياة السياسية باتت اليوم موضوع الساعة أكثر من أي وقت مضى، بسبب ارتباطها بمشروع أكبر وهو مشروع الحداثة والبناء الديمقراطي وباعتبارها المدخل الحقيقي لتعبئة طاقات الأجيال الصاعدة وتجديد الدماء في شرايين النظام السياسي والاجتماعي للوطن والمساهمة في حركة التنمية المتواصلة.
أين موقع الشباب من الحياة السياسية في لبنان؟ في الواقع، إن الشباب في لبنان "مسيّسون" ومنخرطون في الحياة السياسية إن لجهة انتماءهم إلى أحزاب سياسية أو إلى منظمات المجتمع المدني أو بصفتهم ناشطين سياسيين مستقلين. المشكلة تكمن في نوعية وكيفية مشاركتهم وإذا ما كانت تمنحهم ثقلاً في التأثير على عملية صناعة القرار أو دوراً في هذه العملية.
الجواب عن هذا التساؤل هو للأسف لا!
فالشباب اللبناني أداة فعّالة للتعبئة السياسية وليس للمشاركة في صنع القرار، الشباب اللبناني ناشط مدنياً ولكنه ليس فاعلاً في صنع القرار السياسي. فعلى الرغم من حراك الشباب الذي نشهده والذي بلغ أوجهه بين عامي 2015 و2016، بقي كققرع الطبول مجرد صوتاً دون أي فعالية تذكر.
لعل السبب في ذلك يعود إلى تكوين المجتمع اللبناني والنظام السياسي نفسه وكلاهما يقوم على الطائفية بشكل يعزز الانتماءات الفردية على الانتماء الأهم والجامع وهو الانتماء إلى الوطن. فالمحازبون بين الشباب تحفزهم ميولهم العائلية وانتماءاتهم الطائفية لا البرامج السياسية، والمنضوون بينهم إلى منظمات المجتمع المدني لا يميزون بين الخط الذي يفصل دور الرقيب عن دور السياسي، والناشطون السياسيون يفتقرون إلى أطر حزبية ونقابية حقيقية يؤشر وجودها إلى التعددية السياسية وإلى التداول في السلطة وإلى تطور المجتمع وتقدمه وتميزه عن المجتمع التقليدي القائم على العلاقات العائلية والعشائرية. أضف إلى ذلك التدخل الأجنبي في الشؤون السياسية وخضوع لبنان لفترة طويلة لاحتلال ووصاية.
في ظل هذا الواقع هل بات المجتمع المدني السبيل الأخير أمام الجيل الجديد الذي نطلق عليه تسمية جيل Z للمشاركة السياسية؟ نتحدث اليوم عن المجتمع المدني في لبنان وكأنه حالة جديدة وهذا خطأ كبير إذ أن الجمعيات والهيئات والمنظمات وغيرها من الاشكال الاجتماعية موجودة في لبنان منذ عشرات السنين، وهي نابعة من صلب المجتمع وحاجاته الفعلية ومنسجمة مع الحقبة التاريخية التي تشكلت فيها. الجديد اليوم هو إدخال المقاربة التنموية في العمل الإجتماعي، وعملية تمكين الناس، والإهتمام بالسياسات وليس الخدمات. والجديد اليوم هو الجيل Z.
إذا كان جيل X هو الجيل الذي صنع الثورة المعلوماتية، فإن جيل الألفية هو الذي طورها واستخدمها وصنع الشبكات الاجتماعية، أما المستقبل فهو ملك لجيل Z. كثيرة هي المقارنات بين جيل الألفية والجيل Z، بحكم أنهما آخر جيلين، وهذه المقارنات تبدأ بالعلاقة بالتكنولوجيا وتنسحب على كل جوانب الحياة، بما فيها البيئة والنظرة للذات وللآخر، وأخلاقيات العمل. بشكل مختصر، هذا الجيل متصل بالعالم بشكل مستمر ويملك مصادر شبه لا نهائية للمعلومات. هو جيل مخلص ويفهم المشاكل المختلفة التي يواجهها الناس سواء بيئية أو اجتماعية أو سياسية، وتتمحور رؤيتهم عن العالم، بالتفكير بكيفية حل هذه المشاكل. هو جيل متسامح ومنفتح على الآخر مهما كان مختلفاً، سواء عبر النوع الاجتماعي أو اللون أو الدين أو العرق أو الهوية الجنسية أو غير ذلك من الهويات المختلفة. هو جيل متقبل لنفسه ومتقبل للكثير من الأفكار الجديدة، مهما بدت غريبة أو شاذة وأقل أدلجة وأكثر براغماتية وعملية من الأجيال السابقة. في المقابل لا يعد الصبر والقدرة على الانتظار والنضال الطويل الأمد من صفات هذا الجيل، والأخطر هو لا يشعر بالانتماء إلى مكان أو حتى فكرة وينتقل بسرعة كبيرة من معتقد إلى آخر وفقاً لآخر هاشتاغ #!
على الرغم من أن واقع الأمور يبدو صعباً بالنسبة إلى الشباب في لبنان خصوصاً لجهة البيئة الاجتماعية والسياسية السائدة أو لجهة ما يميز جيل Z الجديد، ثمة ما يدعو إلى الأمل هو ظهور نخبة من هذا الجيل يمكن وصفها بالعابرة للطوائف ويمكن التعويل عليها في تعبيد الطريق أمام قيام دولة الحق والمؤسسات.
هذه الحلقة تهدف الى الاجابة او اقله مناقشة الاسئلة الآتية:
-أين موضع الشباب اللبناني في الحياة السياسية في لبنان؟
- كيف يختلف الجيل الحالي، Z لجهة التفكير والممارسة والتوقعات عن الأجيال X وجيل الألفية؟
- هل يُعتبر الشباب بمثابة متلقيين سلبيين لنظام سياسي غير فعال، أم أنهم يؤمنون حقا بدولة مدنية حديثة؟
- هل هناك بارقة أمل تدعو إلى التفاؤل؟
- هل تشكّل النخبة بينهم مجتمعا قائما بحد ذاته تخطى الحدود الطائفية؟ هل ثمة أي تقارب بين الشباب في
لبنان والشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟ )سنستخدم في مقاربة هذه المسألة بيانات تجريبية(
- هل يمكن للمرء أن يتحدث عن رؤية واضحة لدى الشباب حول الوطن الذين يريدون، وهل تعتبر
مشاركتهم في المجتمع المدني اللبناني السلاح الأخير الذي يرفعونه للدفع باتجاه التغيير؟
أتمنى أن نتمكن في خلال هذه الحلقة من إلقاء الضوء على هذه التساؤلات علنا نساهم في تعزيز دور الشباب في الحياة السياسية.