عقد الرؤساء أمين الجميل، ميشال سليمان، وفؤاد السنيورة،
اجتماعاً في بكفيا، تركّز فيه البحث على استعراض الأوضاع الكارثية الراهنة التي
يتعرّض لها لبنان تحت وطأة اتّساع وتعمق ووحشية العدوان الاسرائيلي، الذي بات يطاول
لبنان كله من جنوبه إلى شماله، ومن بقاعه وجبله إلى ساحله، حاصداً الآلاف العديدة من
الشهداء والجرحى والمصابين، ومشرّداً أكثر من مليون مواطن من منازلهم وقراهم
وبلداتهم، حيث يُعانون الأمرّين، ومخلّفاً الدمار والتخريب الهائل والمتمادي في كل
مكان، وذلك في خضم ظروف وطنية وسياسية واقتصادية ومالية واجتماعية ومعيشية صعبة
ومؤلمة، يهدّد استمرارها وتفاقمها في ظهور وتفاقم محن وطنية، اجتماعية وإنسانية وأمنية
كبرى.
بدايةً، وبنتيجة التداول، توجَّه المجتمعون الى الشعب
اللبناني بالتعازي القلبية الصادقة بالشهداء والضحايا الأبرار الذين سقطوا بسبب الإجرام
الإسرائيلي المتمادي، معبّرين عن أملهم بشفاء الجرحى بأسرع وقت ممكن. كما عبَّر
المجتمعون عن تقديرهم الكامل للجهود المبذولة في رعاية النازحين اللبنانيين الضيوف
حتى عودتهم الكريمة إلى بلداتهم وقراهم، وذلك على أساس الاحترام الكامل للملكية
الفردية وللحريات العامة والخاصة وحرية الرأي والإعلام المسؤول.
كما توجّه المجتمعون بالشكر والتقدير والتأييد الكبير
إلى كل من صاحب النيافة وأصحاب السماحة والغبطة والسيادة الذين اجتمعوا في بكركي
يوم الأربعاء في السادس عشر من شهر تشرين الأول 2024، والذين أصدروا بيانهم الوطني الجامع الذي يعبّر عن مدى إحاطتهم
بحجم ومدى المشكلات والأزمات التي يعاني منها اللبنانيون، واقتراحاتهم العملية
للخروج منها.
كذلك نوّه الرؤساء بموقف رئيس حكومة تصريف الأعمال في رفضه
لممارسات الوصاية والهيمنة الإيرانية، وفي تأكيده على سيادة الدولة اللبنانية
وإمساكها الكامل بقرارها الحر.
وقد اعتبر الرؤساء، أنّه وبالإضافة إلى ضرورة بذل وتعزيز
كل جهد ممكن للتأكيد على تعزيز الوحدة الوطنية وترسيخ السلم الأهلي بين جميع
اللبنانيين، فإنّ الهمّ الأساس يجب أن ينصبَّ الآن على ضرورة إنقاذ لبنان، وذلك من
دون أي تلكؤ أو تأخير، من أجل وقف هذه المقتلة والمجزرة المرعبة والمفتوحة التي
يتعرض لها الشعب اللبناني بجميع أطيافه ومناطقه على يد العدوان الاسرائيلي الغاشم.
وهم لذلك يرون ضرورة أن تتضافر جميع الجهود والطاقات الوطنية من أجل تحقيق التقدم
المتوازي على المسارات الخمسة الآتية:
أولاً: الوقف
الفوري لإطلاق النار والشروع في تطبيق القرار 1701 تحت السلطة الحصرية للدولة
اللبنانية بشكلٍ صارمٍ وحرفيٍّ وكامل، ودعم الجهود التي يقوم بها رئيسا المجلس
والحكومة والجهات العربية والدولية في هذا الإطار.
ثانياً: البدء، ودون
التذرّع بأي أمر آخر، في المبادرة فوراً إلى تحرير عملية انتخاب الرئيس الجديد
للجمهورية من أي اشتراطات، ومن أيّ نوعٍ كانت، وعلى أن يحظى الرئيس بثقة مجلس
النواب واللبنانيين، وليبدأ معه انطلاق مسيرة إعادة تكوين السلطات الدستورية
للدولة اللبنانية، ويتعزّز العمل من أجل أن يعود الجميع الى كنفها وتحت سلطتها
وسلطانها الكاملين على جميع أراضيها ومرافقها وإداراتها ومؤسساتها وأجهزتها، ودون
أي وصاية أو هيمنة خارجية من أي نوع كانت.
ثالثاً: تشكيل
حكومة إنقاذ وطني مهمتها الشروع في إعداد خطة إعادة بناء الدولة والبدء بتنفيذها،
بما يؤمِّنُ النهوض الوطني والاقتصادي بأشكاله كافة، وبما يشمل العمل على إعادة إعمار
ما هدّمه العدوان الإسرائيلي، وذلك بالتعاون مع الدول والمؤسسات العربية والصديقة.
رابعاً: إعادة
بناء وتثبيت سلطة الدولة اللبنانية الكامل على جميع الأراضي اللبنانية التزاماً
بقرارات الشرعيتين الدولية والعربية وإعلان بعبدا، وحسن واستكمال تطبيق اتفاق
الطائف.
خامساً: إقرار
وتطبيق خطة الإصلاح والنهوض المالي والاقتصادي والإداري والمؤسساتي في البلاد على
القواعد التي تحترم وتلتزم معايير الكفاءة والجدارة والمحاسبة على الأداء، وتحترم
وتلتزم قواعد الحوكمة الرشيدة ومبادئ الشفافية والإفصاح والنزاهة.
وفي الختام:
فإننا على ثقة بإن وحدة اللبنانيين واحتضان بعضهم بعضاً،
كفيلان بصدِّ العدوان ودحر الاحتلال، كما أننا متأكدون من أن لبنان سيعاد إعماره
بسواعد بنيه ومؤازرة أشقائه وأصدقائه.
أميـن الجميّــل ميشــال سليمــان فــؤاد السنيــورة
بكفيا، في 23 تشرين
الأول 2024